قال يسوع في إحدى المناسبات: "اللهُ جعَلَ السّبتَ للإنسانِ، وما جعلَ الإنسانَ للسّبتِ" (مرقس 2: 27)، والمقصود بالسبت هنا العبادة والالتزام بوصايا الله وأحكامه. الدين في منحاهُ الإيجابي هو عطية الله للإنسان وطريقته الخاصة في مساعدة البشر على تنظيم حياتهم وتعميق إيمانهم وبخاصة علاقتتهم به وعلاقتهم بعضهم ببعض. من هنا ندرك أهمية الإنسان في عين الله. يطرح داود في المزمور الثامن تساؤلاً ويقول: "أرى السَّماواتِ صُنْعَ أصابِعِكَ والقمرَ والنُّجومَ الّتي كوَّنْتَها، فأقولُ: ما الإنسانُ حتّى تذكُرَهُ؟ ابنُ آدمَ حتّى تَفتَقِدَهُ؟" (مزمور 8: 4- 5). وقد أكد يسوع هذا الأمر بقوله: "أنظُروا طُيورَ السّماءِ كيفَ لا تَزرَعُ ولا تَحْصُدُ ولا تَخزُنُ، وأبوكُمُ السّماويّ يَرزُقُها. أما أنتُم أفضلُ مِنها كثيرًا؟" (متى 6: 26).
من هذه الآيات يأتي التعليم المسيحي الخاص بالاعتناء بالمحتاجين والفقراء والمعوزين. يسأل يوحنا يقول: "مَنْ كانَتْ لَه خَيراتُ العالَمِ ورأى أخاهُ مُحتاجًا فأغلَقَ قلبَهُ عَنهُ، فكيفَ تَثبُتُ مَحبّةُ اللهِ فيهِ". (يوحنا الأولى 3: 17).
إنجيل الخدمة والبذل والعطاء هو إنجيل الكنيسة الذي حملته على مر العصور، لتمسح الدمعة عن عيون الباكين وتجبر منكسري القلوب وتؤسس مراكز لرعاية الأيتام والأرامل، والمستشفيات لعلاج المرضى، والمدارس لتعليم الصغار، ودور المسنين كي يقضي المسنون شيبتهم الصالحة بكرامة. إذ يُظهر قيام الكنيسة بهذه الأعمال صورة عن أعمال يسوع نفسه: "وكيفَ مسَحَ اللهُ يَسوعَ النّاصِريّ بالرّوحِ القُدُسِ والقُدرَةِ، فسارَ في كُلّ مكانٍ يَعمَلُ الخَيرَ ويَشفي جميعَ الذينَ اَستولى علَيهِم إبليسُ، لأنّ اللهَ كانَ معَهُ" (أعمال الرسل 10: 38). يعطي الاصحاح الأخير من سفر الأمثال تعليماً سماوياً: "إفتَحْ فَمَكَ واحكُمْ بالعَدلِ وأنصِفِ المِسكينَ والبائِسَ... تَبسُطُ كفَّيها إلى المِسكينِ، وتمُدُّ يَدَيها إلى البائِسِ" (أمثال 31: 9، 20)، والمرأة الفاضلة موصوفة بذات الطريقة: "تَبسُطُ كفَّيها إلى المِسكينِ، وتمُدُّ يَدَيها إلى البائِسِ" (أمثال 31: 20). ليتنا نستفيد من إنجيلنا كي يكون أكثر من إعلانات أو عقائد لأنه إنجيل محبة شاملة.
- 28 نوفمبر -