تتخذ راعوث في هذه القصّة قراراً مفاجئاً وهو أن "تلتصق" بنُعمة (1: 14). إنّه لمن المدهش أنه في الحوار القصير بين نُعمة وراعوث (1: 15-17) أنّ راعوث لم تتراجع عن قرارها إزاء محاولة نُعمة إقناعها بالعودة إلى أرضها وأهلها. نُعمة في حالة يرثى لها، إنها تشعر باليأس والمرارة، وقد سُلب منها كلّ ما كان لديها من رفقة إنسانية.
تُقرر راعوث ألا تترك نُعمة بل أن تبقى معها. لا يخبرنا النصّ السبب وراء قرار راعوث بالبقاء، غير أن عطف راعوث وشفقتها تجاه حماتها ومُصيبة حماتها أدّيا دوراً مهمّاً في قرار راعوث ألا تتخلّى عن نُعمة. لم يكن قرارها بالبقاء بالسهل، إذ هي تقرّر أن تقوم بأمر يتصف بالصعوبة، وحتى بالخطر- فهي موآبيّة العِرق. ولكن، ولأنها تعلم أنها يجب أن تُقدم على الأمر الصحيح، تتعهد بأن تبقى مع نُعمة.
محبّة راعوث الراسخة لحماتها تجعل راعوث "خَيْرٌ لكِ مِنْ سَبْعَةِ بَنِينَ" (4: 15). عطف راعوث وحنوّها على من يعانون من ألم يُظهران أهمية العواطف للحياة المتزنة أخلاقياً. ومن ناحية لاهوتية، قد يكون ذلك الأمر هو الذي ميّز راعوث كامرأة ذات قيمة عظيمة في عيني الله وكمَثل يحتذيه الآخرون. اختار الله امرأة من خارج شعبه فتغيّر التاريخ إلى الأبد! اختيار الله لامرأة من موآب ليكون لها دور في التاريخ الخلاصي يكشف الكثير عن مقاصد الله وعن محبته لخليقته، ذكراً أم أنثى، يهودياً أم أممياً. فما دورنا نحن؟ فلنُظهر محبة وعطفاً وعناية بعضنا تجاه بعض، بغضّ النظر عن الجنس أو العرق أو العمر أو الشكل. لو لم تقرر راعوث إظهار العطف والعناية نحو حماتها، لخسرت أشياء عظيمة. دعونا ألا نتوانى في عمل الخير للضعفاء والمحتاجين حتى ولو اقتضى الأمر تحمّل الصعوبات ومواجهة المخاطر. "لا تَنسَوا عَمَلَ الخَيرِ والمُشاركَةَ في كُلّ شيءٍ، فمِثلُ هذِهِ الذّبائحِ تُرضي اللهَ". (عبرانيين 13: 16)
- 16 يونيو -