Devotional (ar) -

متى تريد أن تموت ( 18 فبراير )

"ونحنُ نَعرِفُ أنّهُ إذا تَهدّمَتْ خَيمَتُنا الأرضِيّةُ التي نَحنُ فيها، فلَنا في السّماءِ بَيتٌ أبَدِيّ مِنْ بِناءِ اللهِ غيرُ مَصنوعٍ بالأيدي. وكم نَتأوّهُ حَنينًا إلى أنْ نَلبَسَ فَوقَها بَيتَنا السّماوِيّ، لأنّنا متى لَبِسناهُ لا نكونُ عُراةً. وما دُمنا في هذِهِ الخَيمةِ الأرضِيّةِ فنَحنُ نَئِنّ تَحتَ أثقالِنا، لا لأنّنا نُريدُ أنْ نَتَعرّى مِنْ جَسدِنا الأرضِيّ، بَلْ لأنّنا نُريدُ أنْ نَلبَسَ فَوقَهُ جَسَدَنا السّماوِيّ حتى تَبتَلِـعَ الحياةُ ما هوَ زائِلٌ فينا. واللهُ هوَ الذي أعَدّنا لِهذا المَصيرِ ومنَحَنا عُربونَ الرّوحِ. ولذلِكَ لا نَزالُ واثِقينَ كُلّ الثّقَةِ، عارِفينَ أنّنا ما دُمنا مُقيمينَ في هذا الجَسَدِ، فنَحنُ مُغتَرِبونَ عَنِ الرّبّ، لأنّنا نَهتَدي بإيمانِنا لا بِما نَراهُ. فنَحنُ إذًا واثِقونَ، ونُفَضّلُ أنْ نَغتَرِبَ عَنْ هذا الجَسَدِ لِنُقيمَ معَ الرّبّ"
كورنثوس الثانية 5: 1 – 8

كان أحد أصدقائي يحضر حلقة بحث حول موضوع الصدمة وكيف يمكن التعامل مع الموت. استهل المُحاضر موضوعه في ذلك المساء بهذا السؤال: "في أي عمر تريد أن تموت!" وذلك وسط دهشة المشاركين. وحين قُرأت الإجابات بعد بضع دقائق تبين أن بعض الأشخاص أبدوا تفاؤلاً؛ فقالوا أنهم يريدون أن يعيشوا حتى سن الثمانين أو التسعين. وقدم آخرون اجابة أعمق من الناحية الروحية فقالوا أنهم يريدون أن يعيشوا المدة التي خططها الله لهم.

ويقول صديقي أنه فكر لحظة فقط قبل أن يكتب الجواب. كانت حلقة البحث مُنعقدة في آذار وكان عمره خمساً وخمسين سنة وكانت ذكرى ميلاده السادسة والخمسين ستحل بنيسان ولهذا لن تتأخر أكثر من بضعة أيام، فأجاب بسرعة دون تردد أريد أن أعيش 55 سنة أي أنه أراد أن يموت في أسرع وقت ممكن.

إذ تبدو هذه الاجابة غريبة حقاً، فهل يرغب هذا الرجل في الموت؟ وهل حياته بائسة إلى الحد الذي يفكر معه في الإنتحار!. أعرف هذا الرجل جيداً... إنه سعيد في زواجه ولم يُعانِ قط من الإحباط وهو أيضاً سعيد على نحو عام بالحياة التي أعطاه إياها الله، فلماذا يريد أن يموت بهذه السرعة؟ لقد شرح لي أن رغبة شديدة تداخله كل يوم في أن يذهب إلى يسوع المسيح على أنه يتفهم الوقع الصعب لموته على أسرته وأصدقائه، وسيؤدي ذلك إلى شعورهم بالتوتر لإدراكهم أنه يتصف بدرجة معينة من الأنانية من خلال رغبته في الرحيل عن هذا العالم ليكون مع الله.

على أن هذه الرغبة التي تنتابه في السماء لا تطبع شخصياتنا كلنا. عرف الرسول بولس هذا النوع من التوتر إذ قال في (فيلبي 1) إنه أراد أن يكون مع المسيح ولكن الحاجة تدفعه إلى أن يواصل الخدمة المثمرة. ولا شك أن من الخير هنا أن تملأنا رغبة يومية في الاقامة في السماء من أن نعيش بلا أمل كما يفعل أولئك الذين بلا إيمان.

- 18 فبراير -